- تاريخ التعامل بالعملات الورقية
استمر الأوروبيون باستخدام القطع النقدية المعدنية حتى عام 1600 بفضل عمليات الاستحواذ على المعادن الثمينة من المستعمرات، ما ساعدهم على صك المزيد من النقود، ثم بدأت البنوك باستخدام عملات ورقية وكانت هي المسؤولة عن إصدارها بشكل رئيسي، وذلك إلى أن تحولت هذه المهمة إلى الحكومات.
استخدمت أول عملة ورقية من قبل فرنسا، ففي عام 1685 أصدر الجنود الفرنسيون بطاقات لعب مصنفة على فئات وموقعة من قبل المحافظ لاستخدامها كنقود بدلاً من النقود المعدنية، ثم انتقلت العملات الورقية شيئًا فشيئًا إلى البلدان الأوروبية الأخرى جراء حركة التجارة العالمية، حيث بدأت البنوك والطبقات الحاكمة بشراء العملات من بلدان أخرى، وهكذا أنشأت أول سوق للعملات، وبات استقرار أي ملكية أو حكومة يؤثر على قيمة عملة البلد المحلية، وقدرة هذه الدولة على التجارة في الأسواق العالمية.
أسباب انهيار العملات
لعب المال دوراً هاماً في كل حرب منذ نشأتها حيث تلاعب الملوك القدماء بنسب المعادن الثمينة في كل عملاتهم المعدنية لزيادة كمية الأموال في جعبتهم، وبالتالي حشد المزيد من الجيوش. على سبيل المثال، كانت تحاول الدول المتنافسة التأثير على عملة غيرها من خلال رفع قيمة عملتها وجعل بضائع الدول باهظة الثمن بتخفيض قيمتها وخفض القيمة الشرائية للعدو وبالتالي خفض القدرة على الدفع. وفي أحيان أخرى، كانت تقضي على عملة الدول الأخرى بالكامل، دون رحمة.
أهم العوامل التي تؤدي لانهيار العملات
- تراجع اقتصادي داخل البلد، ما يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات وتصاعد معدّل التضخم.
- الحروب والنزاعات المسلحة داخل البلد المعني أو صلته بعمليات عسكرية في الإقليم، أو محاذاته لدول في نزاعات مسلحة.
- انحسار الناتج المحلي الإجمالي لأسباب ضعف اقتصادية مختلفة.
- انخفاض أسعار سلع تشكل جزءاً كبيراً من الصادرات. وتشكل الدول المصدرة للنفط والغاز مثالاً حياً على هذا الوضع.
- انخفاض القوة الشرائية للمواطنين والمقيمين.
- تشديد شروط الائتمان (التسليف) من المصارف والمؤسسات المالية أو التمويلية نتيجة الافتقاد إلى الثقة.
- عدم الاستقرار السياسي داخلياً في دول تشهد صراعات وانقسامات يغيب معها الإجماع الوطني على المصلحة العليا للبلد، بما في ذلك مصالحه الاقتصادية.
- سوء تنظيم السياسة النقدية أو قرارات النظام المصرفي المركزي بشأن الضوابط المالية، وتحديداً تلك الصادرة عن المصارف المركزية.
- العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي في أغلب الأحيان.
كيف نتصرف إذا انهارت قيمة العملة؟
طالما أن الدول تتطور وتتصارع فيما بينها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، فإن قيمة العملة ستبقى معرضة بشكل مستمر لارتفاع أو انخفاض في قيمتها وما يحدث حاليًا ومستقبلًا من احتمالات انهيارات متتالية لعملات دول عن دول أخرى ما هو إلا جزء طبيعي من حركة الاقتصاد التي تدور بها الدول للتطور والنهوض.
بعد عامين على جائحة كورونا وما تسبب به الوباء من مشاكل كبيرة في الاقتصاد وانهيار للعملات العالمية، وانخفاض في قيمة كل عملة في العالم، وتأثير ذلك على المواطنين من حيث فقد الوظائف في مجالات مختلفة وارتفاع الأسعار والغلاء المستمر، ومحاولات الحكومات جاهدة التأقلم مع العوامل المتغيرة التي تتسبب في إعادة تشكيل العالم والتحولات الحادة في الاقتصادات.
تبع ذلك أيضا عددًا من التغيرات السياسية والعسكرية التي مهدت لزيادة التضخم في عملات بعض الدول ورتفاع أسعار النفط والوقود والغاز، وكذلك ارتفاع الأسعار في كافة متطلبات الحياة الأساسية من طعام وشراب وعلاج وغيرها، بالأخص عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
اليوم وفي ظل كل هذه الأحداث المتتالية والمتسارعة التي تعصف بالأفراد في كل مكان، كيف يمكن للمواطن التعامل مع انهيار العملة؟
لعل أهم ما يجب أن يفكر به المواطن لمواجهة انهيار العملة هو التالي:
- عدم الهلع أو التسرع، وإنما التريث والابتعاد عن القرارات العاطفية واللحظية.
- الابتعاد عن المضاربة على أسعار الصرف.
- تجنب الاستثمار على المدى القصير.
- عدم الاستماع للضوضاء التي تقودها منصات التواصل الإجتماعي من خلال معلومات مغلوطة أو تهويل للأحداث.
- تنويع سلة العملات الخاصة بك ( من العملات الأقوى والأكثر استقرارًا) وعدم الاعتماد على عملة واحدة.
- الادخار والاستثمار بسلة متنوعة وعدم حصر الاستثمار في سلة واحدة مع رؤية طويلة الأمد. يمكنك أيضًا مشاهدة الفيديو المرفق لفهم ما يجب فعله في حال انهيار العملة مع المستشار المالي محمد أبو ريا
إضاءة تاريخية
ليديا غرب تركيا أول من صك العملة، والصين أول من استخدم النقود المعدنية
بخليط من الذهب والفضة تم صك أول عملة رسمية مصنوعة من الإلكروم مابين أعوام (560-610 ق.م من قبل ملك ليديا التي تقع الآن غرب تركيا، على الرغم من أن ليديا كانت أول من صك عملة نقدية إلا أن الصين تعتبر أول بلد استخدم النقود المعدنية أي منذ حوالي أكثر من 1100 سنة ق.م، حيث انتقلت الصين من استخدام الأدوات الحقيقية والأسلحة كوسيط للتبادل واستخدمت نماذج مقلدة صغيرة لذات الأدوات بقالب برونزي معدنية على شكل دائرة وأصبحت البداية الفعلية لأول النقود المعدنية، ورغم ذلك إلا أن ملك ليديا يعتبر أول من صك العملات.
تفترض معظم الأبحاث أنه قبل 3000 عام كانت تقومُ عمليات التبادل التجاري بموجب عقود التجارة الحجرية، وهي أعمال مقايضة، حيث كانت السلعُ هي الثمن أيضاً، فيقوم البيعُ على سلعةٍ ودفعُ قيمتها بسلعةٍ أو خدمةٍ أخرى
وخلال تلك الفترات استعمل حجر الزجاج البركاني الأسود في العصر الحجري كمادة لها قيمة قبل 17 ألف عام، قبل 9000 عام اُستعملت الحبوب الزراعية والماشية كمادة للمقايضة.
لا يوجد تعليقات