لا شك أنه كان عاماً صعباً بالنسبة للمستثمرين، بسبب انخفاض مؤشرات داو جونز و S&P 500 بشكل كبير منذ أول أسبوع من شهر يناير.
لكن على الرغم من أن الانهيار الكبير في سوق الأسهم هذه الأيام يمكن أن يكون مخيفاً. إلا أنه من المهم أن ندرك أن هذا الانخفاض جزء طبيعي من دورة الاستثمار. وعندما تنظر إلى الأمور من منظور تاريخي أوسع، تجد أن كل انخفاض ملحوظ في سوق الأسهم، كان فرصة مناسبة للاستثمار لمن يتحلى بالصبر.
والأهم من ذلك، أنه في هذه الأوقات تكون الصفقات مع الشركات عالية الجودة أكثر وضوحاً. لأن هذا النوع من الشركات تعود لقوتها وأدائها العالي في أسرع وقت ممكن.
إليك في هذا المقال ثلاث أسهم منخفضة السعر يمكن للمستثمرين شراؤها الآن للاستثمار على المدى البعيد حسب مجلة The Motley Fool
شركة Berkshire Hathaway
إذا كان هناك سهم واحد أظهر قدرته على الصمود أمام اختبار الزمن، فإنه بالتأكيد سهم Berkshire Hathaway التي يرأسها وارن بافيت الملياردير المعروف.
منذ توليه زمام الأمور في عام 1965، قاد بافيت الشركة لتحقيق أكثر من 680 مليار دولار للمستثمرين (بما في ذلك نفسه). وحقق متوسط عائد سنوي أكثر من 20% بشكل إجمالي، أي أننا نتحدث عن زيادة بنسبة 3,600,000% لقيمة أسهم الشركة.
وعلى الرغم من أن شركة Berkshire Hathaway كانت عرضة للتراجع لعدة سنوات، إلا أن هناك سجل حافل طويل بما يكفي لإظهار أنها تتفوق بانتظام على مؤشر S&P 500 على مدى فترات طويلة.
يدرك بافيت جيداً أن حالات الركود جزء لا مفر منه في الدورة الاقتصادية. ولذلك يقوم بتعبئة محفظته بشركات تزدهر خلال فترات التوسع. وذلك بسبب أن فترات الصعود تستمر لوقت أطول بكثير من فترات الركود. مما يجعل الشركات ذات الأداء العالي مثالية للاستفادة من الصعود بشكل أكبر بكثير من تضررها بفترات الركود. نعم قد تبدو هذه الاستراتيجية مملة بعض الشيء، ولكنها تؤتي ثمارها مع مرور الوقت.
شركة ماستر كارد Mastercard
على غرار Berkshire Hathaway، فإن Mastercard ليست محصنة ضد الانكماش الاقتصادي والركود. لأنه إذا قلل المستهلكون والشركات معدل إنفاقهم، فمن المحتمل أن تنخفض مبيعات وأرباح ماستركارد. وأدى الاحتمال المتزايد لحدوث ركود في الولايات المتحدة إلى انخفاض أسهم الشركة بنحو 20% كأعلى انخفاض لها على الإطلاق.
ومع ذلك، فهناك العديد من الأسباب المنطقية التي من شأنها أن تجعل الاستثمار طويل المدى في ماستركارد فرصة كبيرة.
أولًا، تعتبر ماسترد كارد لاعباً رئيسياً في سوق الاستهلاك في الولايات المتحدة والعالم. حيث أنها كانت لوحدها مسئولة عن ما يقرب من 23% من حجم الشراء بالبطاقات الائتمانية في الولايات المتحدة عام 2020. وهذا رقم كبير يوحي بمدى قوة الشركة، وكيف أن الاستثمار بها الآن يعد فرصة كبيرة. وذلك نظراً لأن فترات الصعود في الدورة الاقتصادية أطول بكثير من فترات الهبوط كما ذكرنا أعلاه.
ومن المهم أيضاً أن نذكر أن ماستركارد ليست مقرضاً للأموال بحد ذاتها، بل هي عبارة عن بوابة دفع. وهذا يعني أنها ليست معرضة لعدم سداد الدائنين لديونهم في فترات الركود وبالتالي لا تحتاج الشركة إلى رأس مال إضافي في هذه الفترات.
وهذا ما يفسر قدرة سهم ماستركارد على التعافي في كل مرة بشكل أسرع من معظم الأسهم المالية بعد فترات الركود في الولايات المتحدة والعالم.
وصحيح أن ماستركارد من الشركات الرائدة في العالم، إلا أنه لا تزال معظم المعاملات في العالم تتم نقداً. مما يعني أنه لا زال هناك فرصة كبيرة لماستر كارد بالنمو العالمي. خاصةً لأن العالم يتوجه شيئاً فشيئاً للاستغناء عن الأوراق النقدية والاعتماد على بطاقات الائتمان. بالإضافة إلى أن ماستر كارد جاهزة وتمتلك بالفعل البنية التحتية اللازمة في معظم دول العالم للاستفادة من النمو المتوقع، وخاصة في الدول الناشئة. لذلك من المتوقع أن تحافظ الشركة على معدل نمو سنوي طويل الأجل يبلغ 10% على الأقل.
شركة والت ديزني
نعلم جميعاً مدى روعة مدن ديزني الترفيهية حول العالم، ولكنها عانت بشدة في آخر سنتين بسبب أزمة كورونا. التي أدت إلى تضرر وإغلاق العديد من الأعمال والأماكن حول العالم، وخاصةً الأعمال الترفيهية. وهذا أدى بالضرورة إلى انخفاض أسهم والت ديزني بنسبة 44%، وهو أعلى انخفاض لها منذ وقتٍ طويل.
كانت المشكلة الأكبر لديزني هي عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث بسبب الفيروس. لكن اليوم يبدو أن العالم بدأ يسيطر على الجائحة وأن الأمور بدأت تعود إلى طبيعتها. والأهم من ذلك أننا نستطيع أن نتوقع ما يمكن أن يحدث بهذا الخصوص. فحسب التقارير أننا شهدنا بالفعل أسوأ ما قد يحدث بسبب فيروس كورونا وأن القادم لن يكون إلا أفضل. وبالتالي ليس هناك مصدر قلق كبير على المدى الطويل.
ومن جهة أخرى، ما زالت والت ديزني تثير الإعجاب بما يتعلق بمنصة البث الخاصة بها Disney Plus. والتي قالت الشركة في الربع الأول من هذا العام أنها تحتوي على أكثر من 137 مليون مشترك، وهي زيادة بنسبة 33% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
ويذكر أن الشركة تمتلك قوة تسعيرية كبيرة. وذلك نظراً لحب الناس لها وارتباطها عاطفياً بعملائها، حيث أن منتجات ديزني تستطيع أن تبهج جميع الأعمار، فالصغار يعشقونها، والكبار يستعيدون ذكرياتهم وطفولتهم عندما يتعلق الأمر بمنتجاتها. وهذا ما يسمح لديزني بتمرير عمليات رفع الأسعار بسهولة، دون أن تلقى ممانعة كبيرة من المستهلكين. وبالتالي فهي قادرة على محاربة التضخم بشكل كبير.
كل هذه المؤشرات تقول أن سهم شركة والت ديزني المنخفض الآن، يمر بفترة مؤقتة وهي بمثابة تخفيض على سعر السهم الآن. ولذلك قد يعتبر الاستثمار في سهم والت ديزني فرصة استثمارية اليوم.
إذا كنت مبتدئاً في عالم الاستثمار، فقد تتسائل الآن، كيف أستطيع شراء هذه الأسهم أو غيرها والبدء بالاستثمار؟
وللإجابة على هذا السؤال إليك هذه الخطوات الثلاثة البسيطة:
1- زيادة معرفتك المالية
في البداية نعرف أنك متحمس، لكن لا تجعل هذا الحماس يدفعك لاتخاذ قرارات خاطئة. وأفضل طريقة لتجنب القرارات الخاطئة هي زيادة معرفتك المالية من خلال المصادر الموثوقة. وكلما كانت معرفتك المالية والاستثمارية دقيقة وواسعة، كلما ابتعدت عن الاستثمار العاطفي وعن “سلوك القطيع” الذي يتأثر بتقلبات السوق بشكل كبير. وبالتالي تستطيع اتخاذ قرارات استثمارية تتناسب مع أهدافك المالية، سواءً كانت متماشية مع سلوك معظم الناس أم لا.
والجدير بالذكر أن المعرفة المالية والاستثمارية تختلف باختلاف هدفك الاستثماري. فإذا كنت تبحث عن تحقيق أرباح سريعة ولكن مع تحمل المخاطر العالية، فقد تتجه إلى المضاربات اليومية. ولكن هذا ما لا ننصح به على الإطلاق ولا نقوم به في شركتنا.
أما إذا كنت تبحث عن استثمار قليل المخاطر ولكنك مستعد للانتظار والصبر للحصول على عوائد مرضية ومضمونة على استثماراتك، فقد تتجه إلى الاستثمارات طويلة الأجل كالتي نستثمر بها في شركتنا ونشجع عليها دومًا.
في جميع الأحوال أنت من يقرر أهدافك المالية، وأنت من تقرر مدى استعدادك لتحمل المخاطر. كلما كانت المخاطر أكبر، كانت الأرباح أو الخسائر أكبر وأسرع. والعكس صحيح كلما كانت المخاطر أقل، كلما كانت الأرباح أقل ولكنها شبه مضمونة ومع تراكمها على مدار الأعوام فإنك على الأغلب ستكون راضيًا عن حجم الأرباح.
ولمساعدتك على زيادة معرفتك المالية، بإمكانك متابعة هذه المدونة بشكل مستمر. حيث ننشر كل المواضيع المتعلقة بالاستثمار والأسواق المالية. كما يمكنك متابعتنا على منصات التواصل الاجتماعي وخاصة اليوتيوب حيث نطرح ونناقش أكثر الموضوعات الاستثمارية تداولًا وجدلًا بين الناس. لنقدم لك وجهة نظر موضوعية بعيدة عن حمى السوق والأهواء الشخصية.
كما يمكنك الحصول على نسختك من كتاب فخ المال الذي يدمج بين الأسس العلمية للاقتصاد والاستثمار والادارة المالية بأسلوب سلس جداً. إضافة إلى دورة الاستثمار بالأسهم للمبتدئين خصيصاً لمن يود أن يبدأ الاستثمار في الأسهم على أسس سليمة.
2- فتح حساب استثماري
الآن بعد أن تأكدت أن لديك معرفة جيدة بالأسواق المالية وطرق الاستثمار وتعرف ما هي أهدافك المالية. حان الوقت لأخذ خطوات عملية في هذا الشأن، لأن المعرفة لوحدها بدون تطبيق لن تُحسن من أوضاعك المالية من تلقاء نفسها.
فعليك الآن البحث في بلدك عن أحد البنوك المعتمدة التي تقدم خدمات فتح حساب استثماري، ومن خلالها تستطيع البدء في شراء وبيع الأسهم.
وهناك أيضاً شركات وسيطة في معظم الدول تقوم بتسهيل الاستثمار للأفراد عن طريق الخدمات ا
لتي تقدمها. ويجب عليك هنا البحث عن الشركات الموثوقة والمعتمدة من الجهات المختصة في بلدك والتي لديها تاريخ جيد يشهد بموثوقيتها ونجاحها في السنوات الأخيرة.
يوجد أيضا شركات عالمية موثوقة أونلاين تمكنك من فتح حساب استثماري عن بعد ولكن لهم شروط أصعب بعض الشيء تحديدا إذا كنت مقيما في إحدى البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، ولكن ننصحك في كل الأحوال بالمحاولة، خصوصا أن ذلك لن يكلفك إلا بعض الوقت في تعبئة المعلومات وتحميل أوراق الثبوتية، ونذكر منها:
3- البدء بالاستثمار
الآن بعد أن قمت بفتح حساب استثماري، حان الوقت لتكوين محفظتك الاستثمارية والبدء بشراء أسهم الشركات التي ترى أنها تخدم أهدافك الاستثمارية. وبشكل عام ينصح لغير الخبراء بالاستثمار بطريقة متوسط التكلفة في الصناديق الاستثمارية المشتركة ذات المصاريف المنخفضة مثل IVV أو VOO. يفضل دائماً التواصل مع خبير ليقدم النصيحة لك بناءً على موقفك المالي وظروفك الشخصية.
إخلاء مسؤولية
تم كتابة هذا المقال بهدف تعليمي وتوعوي، ولا ينصح بالاعتماد عليه كتوصية استثمارية شخصية، وإنما نرجو منك أن تؤدي واجبك في البحث والدراسة أو أن تتعاون مع مستشار مختص قبل اتخاذ أي قرار استثماري..
لا يوجد تعليقات