الصناعات التي يمكن أن تزدهر خلال فترات الركود

تحدثنا في مقال سابق عن الركود الاقتصادي وكيف يتوقع العالم أن يحدث ركود قريب. ويعتبر الركود الاقتصادي فترة صعبة على الأسواق وعلى كافة الصانعات بشكل عام. لكن قد تستطيع بعض الصناعات الاستفادة من هذه الأوقات، بل وحتى الازدهار. 

ولأننا لا نستطيع توقع المستقبل ومعرفة ما هي الصناعات التي ستزدهر خلال الركود التالي، دعونا نلقي نظرة على آخر ركود اقتصادي للحصول على بعض المقاييس العامة. 

آخر ركود اقتصادي هو الركود الذي حدث بسبب الأزمة العالمية 2008. وحينها لم ينجح إلا 25 سهماً من أسهم S&P500 في تحقيق عوائد ايجابية خلال تلك الفترة.

ملاحظة مهمة: هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ازدهار شركات أو صناعات معينة. وقد يكون الركود الاقتصادي أحد هذه الأسباب وليس السبب الوحيد. كما أنه يختلف تأثير كل ركود اقتصادي على الشركات والقطاعات عن الآخر. ولكن نحاول في هذا المقال أن نتأمل في الصناعات التي حققت أداءً جيداً في السابق في محاولة لفهم أنماط الأسهم التي من الممكن أن تحقق أداءً جيداً في فترات الركود.

الصناعات التي حققت عوائد جيدة في فترات الركود

تجارة التجزئة بالخصومات 

هناك العديد من المتاجر الضخمة التي تتخصص في بيع منتجات التجزئة بأسعار مخفضة، مثل متجر وول مارت الشهير. وازدهرت هذه الصناعة خلال فترة الركود الأخيرة لسبب منطقي وواضح. وهو اقبال الناس على المنتجات الأقل سعراً حتى لو اضطرهم الأمر للتضحية بالجودة العالية في هذه الأوقات. حيث أن الجميع – أفراداً ومؤسسات – يعاني ماديأً من أثار هذا الركود وبالتالي فإن السبيل المنطقي لمحاولة تقليل الأضرار هو شراء السلع الأقل سعراً. 

الرعاية الصحية 

حققت خدمات الرعاية الصحية عوائداً كبيرة خلال فترة ركود عام 2008 مقارنةً بالصناعات الأخرى. ويعود ذلك لسبب واضح أيضاً، وهو أن الإنسان يحتاج إلى رعاية صحية بكل الأوقات وبكل الظروف. أي أنك لن تستطيع أن تعالج نفسك بالمنزل لأنك تحاول توفير بعض الأموال. فالرعاية الصحية تعتبر من الخدمات ذات الطلب الثابت الذي لا يتأثر كثيراً بتغير مستوى دخل الأفراد.

الغذاء والمطاعم

يحتاج الناس إلى الطعام، تماماً مثل الرعاية الصحية. صحيح أن العائلات تميل إلى تقليل التكاليف وعدم أكل الطعام خارج المنزل في مثل هذه الأوقات. إلا أنهم لا يستطيعوا أن يستغنوا بشكل كامل عن المطاعم. فوجدنا أنه في فترة الركود الأخيرة قد اتجه الناس إلى الذهاب إلى المطاعم الأقل تكلفة مثل مطاعم الوجبات السريعة بدلاً من المطاعم الفاخرة. 

وعلى الجهة الأخرى، فقد ازدهرت مبيعات الأطعمة المعلبة والحبوب والأغذية غير المكلفة. والتي كان يشتريها الناس من تجار التجزئة بالخصومات كما ذكرنا في النقطة الأولى. 

الشحن والخدمات اللوجستية

سواءً كان هناك ركود أم لا، تحتاج البضائع إلى أن يتم نقلها. تستطيع أن تخفف من مصاريف السفر الشخصي لقضاء الإجازات خلال فترات الركود، ولكن لا تستطيع أن تقلل حاجة المتاجر إلى تعبئة رفوفها بالمنتجات. لذلك غالباً ما تكون شركات الشحن آمنة نوعاً ما أثناء فترات الركود.

قطع الغيار

عندما تكون الأمور المالية صعبة، يتجه الناس إلى إصلاح ما يملكونه بدلاً من استبداله. ويذهب الكثير من الناس إلى أبعد من ذلك، ويحاول أن يصلح كل شيء بنفسه دون الاستعانة بالمختصين. ويؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على قطع الغيار، ويشمل ذلك جميع قطع الغيار، مثل قطع غيار السيارات والأجهزة الكهربائية وأدوات المنازل والحدائق.

ظروف خاصة هذه المرة 

بسبب جائحة كورونا، عانت الأسواق من أزمة اقتصادية فريدة من نوعها. حيث أنه بسبب الفيروس تم فرض قيود إغلاق على العديد من الصناعات، وبالتالي سيكون تأثر الشركات مختلفاً بعض الشيء هذه المرة بسبب الظروف الراهنة. 

على سبيل المثال، في صناعة الأغذية والمشروبات، شهدت المطاعم على وجه الخصوص عمليات إغلاق ضخمة. ومن المتوقع أن تواجه صعوبات على المدى القريب، ولكن هذا قد يمثل أيضًا فرصة لها للتفوق في الأداء بمجرد رفع القيود بشكل كامل. 

من ناحية أخرى، شهدت الشركات المتخصصة في الخدمات عبر الإنترنت ازدهارًا تجاريًا خلال هذا الوقت وقد تستمر في الاستفادة.

ويشمل ذلك العديد من شركات التكنولوجيا، أو الشركات التي تنتج بدائل منزلية للسلع والخدمات التقليدية مثل الصالة الرياضية المنزلية ومعدات التمرينات الخاصة بالمنزل.

لماذا تحقق بعض الصناعات أداءً أفضل في فترات الركود مقارنة بغيرها؟

سيظل الطلب دائمًا على الشركات التي تصنع الضروريات الأساسية مثل السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية ثابتاً.  حتى أثناء فترات الانكماش والركود الاقتصادي، حيث أنه لن تتوقف الناس عن الحاجة إلى إعداد وجبات الطعام والغسيل والتنظيف وما إلى ذلك. وغالبًا ما يكون أداء متاجر الخصومات أفضل نسبيًا أثناء فترات الركود لأن منتجاتها الأساسية أرخص. وبالمثل، فإن الرعاية الصحية مطلوبة دائمًا.

ما هي المدة التي تميل فيها فترات الركود إلى الاستمرار؟

وفقًا للبيانات الاقتصادية، تستمر فترات الركود عادةً ما بين 8 إلى 18 شهرًا

متى يصبح الركود رسمياً؟

عادة ما تعتبر الوكالات الحكومية الاقتصاد في حالة ركود إذا كانت نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي سلبية في ربعين متتاليين. ويكون ذلك بالتزامن مع تغيرات في الإنتاج المحلي ومعدل الدخل والتوظيف. 

الخلاصة

ما ذكرناه في هذا المقال لا يمكن أن يعتبر شاملاً، حيث أن الاستثمار أثناء فترات الركود يعتبر موضوعاً كبيراً وفيه العديد من المخاطر والفرص على حدٍ سواء. ولكن يجب دائماً الأخذ بعين الاعتبار أن الضروريات لن يقل الطلب عليها بشكل كبير، كحاجة الناس إلى الماء والتدفئة والطعام والشراب والرعاية الصحية. فقد يكون من المنطقي أن تزدهر هذه الصناعات مقارنةً بغيرها أثناء فترات الركود. 

ولكن قد تنجح شركة وتفشل شركة أخرى من نفس الصناعة وبنفس الفترة، لذلك يجب عليك أيضاً دراسة الشركة ونموذج عملها قبل الاستثمار بها. 

بالاضافة إلى أنه يجب الانتباه إلى أن العديد من الشركات والصناعات التي قد تستفيد من فترات الركود، قد لا تستمر بالضرورة بالنمو بعد انتهاء الأوقات الصعبة. لذلك من المهم وضع ذلك بالاعتبار وإعادة دراسة محفظتك فور إنتهاء فترة الركود. 

إخلاء مسؤولية 

تم كتابة هذا المقال بهدف تعليمي وتوعوي، ولا ينصح بالاعتماد عليه كتوصية استثمارية شخصية، وإنما نرجو منك أن تؤدي واجبك في البحث والدراسة أو أن تتعاون مع مستشار مختص قبل اتخاذ أي قرار استثماري.. 

المصدر